مقولة ذهبية من كنوز تراثنا العظيم «الدين حسن الخلق.. من زاد عليك فى الدين زاد عليك فى الخلق».
سادتى القرّاء لا يخفى على أحد منا هذا التناقض العجيب بين مكانة الأخلاق فى الإسلام ومنزلتها العالية ومكانتها السامية فى دين الله عز وجل وبين حالة الانفلات الأخلاقى أو التردى الخلقى الذى وصل إليه المسلمون فى واقعهم المعاصر!
ويستهدف هذا المقال إعادة التأكيد على منزلة الأخلاق فى الإسلام وإعادتها لمكانتها الطبيعية فى حياة المسلم المعاصر.
وأول مايلفت نظر من يستقرأ نصوص الشرع المطهر فى كتاب الله تعالى وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وسيرته وتطبيقات الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم وجيل خير القرون الذى حدثنا عنه سيدنا النبى، يجد أن قضية الأخلاق قضية مركزية فى دين الله عز وجل بل هى القاسم المشترك بين كل أنواع العبادات.
بدءا من العقيدة أو الإيمان بالله عز وجل تجد النصوص واضحة «لا إيمان لمن لا أمانة له»، وتلحظ معى أيها القارئ الكريم الربط بين الإيمان وهو العقيدة وبين الأمانة وهى عمود الأخلاق وتلحظ هذا فى حديث آخر ينفى فيه النبى، صلى الله عليه وسلم، صفة الإيمان الكامل عن منزوع الأخلاق أو ناقص الأخلاق «والله لايؤمن والله لايؤمن والله لايؤمن قيل من يارسول الله؟. قال من لايأمن جاره بوائقه». يعنى مشكلاته وإزعاجه والقلق الذى يسببه لجيرانه بأى صورة من الصور. كلنا نعلم أن الإيمان هو العقيدة بأركانها الستة أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر. انظر وتأمل كيف يخبرك رسولك، صلى الله عليه وسلم، أنك إن تخليت عن أى خلق من الأخلاق كالأمانة أو الوفاء بحقوق الجيران فإن بعقيدتى خللا ونفصا!!!
هل الأمر خطير إلى هذا الحد؟ نعم وأشد من ذلك. انتبه أخى الحبيب
أما سمعت بهذا البيان النبوى
«قال رجل يارسول الله إن فلانة وذكر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها قال هى فى النار، قال يارسول الله فإن فلانة فذكر من قلة صيامها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذى بلسانها جيرانها قال هى فى الجنة».
فهذه العبادات مع أهميتها الكبرى ومنزلتها العظمى فى شرع الله تبارك وتعالى الصلاة الصيام. الصدقة لكنها. لم تشفع لصاحبة اللسان السليط المؤذى التى تؤذى جيرانها وتكدر عليهم حياتهم.
وما أكثر الأحاديث التى تؤكد هذه المعانى بوضوح وجلاء. استمع معى إلى هذه الباقة من الأحاديث النبوية تبين العلاقة الوطيدة بين الأخلاق والعبادات.
فالمحافظة على الصلوات بشروطها وأركانها علاج أساسى لسوء الأخلاق
يقول الله جل وعلا «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، وسوء الأخلاق من أعظم صور الفحشاء والمنكر.
وفى الصيام يعلمنا حبيبنا، صلى الله عليه وسلم، دور الصيام فى صناعة الأخلاق «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه»، أرأيت كيف أن تخلية القلب من الأخلاق الفاسدة والمذمومة وتحليته بالأخلاق الحسنة والصالحة أحد المقاصد الأساسية لعبادة الصوم؟. لتتذكر هذا وتضعه نصب عينيك أخى الصايم أختى الصائمة ليعظم انتفاعك بصيامك ويحدث التغيير المنشود فى حياتك.
فإذا ذهبت إلى الزكاة.. وجدت قول الحق سبحانه لحبيبه المصطفى، صلى الله عليه وسلم «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» تزكية للغنى وتطهير له من أمراض الشح والبخل والأثرة والأنانية وتحلية له بأخلاق العطاء والجود والكرم وإسعاد الفقراء والمحتاجين. وفِى نفس الوقت تزكية للفقراء وتطهير لقلوبهم من أمراض الحقد والحسد والكراهية».
فإن ذهبت للحج
تجد قول الحبيب المحبوب، صلى الله عليه وسلم، «من حج. فلم يرفث ولَم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمته» ولادة جديدة بأخلاق عالية ونفوس زاكية شريطة أن يطهر الحج نفقته من الحرام وأن يلتزم الأدب فى حضرة وضيافة ملك الملوك فى هذه الرحلة الإيمانية فلا رفث ولا فسوق ولا جدال لكن اخبات وانكسار بين يدى الجبار الذى يجبر القلوب المنكسرة لجلاله.
-لن نستعيد أمجادنا الضايعة وسيرة آبائنا الأولين من الصحابة والتابعين وبناة حضارة الإسلام على مر الزمان الذين سطروا بأخلاقهم صحائف المجد والعز والكرامة إلا إذا استعدنا أخلاقهم وخصالهم الكريمة التى اغترفوها. من معين النبوة الصافى إلى الأخلاق فى شهر الأخلاق يا أمة الأخلاق
إنما الأمم الأخلاق مابقيت.
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة